الفن يؤثر على فهم الإنسان وتفسيره للعالم ، و يساعد الناس على الاستفادة من تطبيق المحتوى بشكل إيجابي داخل وخارج الأوساط الأكاديمية. ويؤكد أيضاً على أهمية تطوير مهارات حل المشكلات الإبداعية التي تعتبر حاسمة للنجاح في اقتصادنا المتغير، كما يعزز الفن تطوير التعلم عن أنفسنا ومن حولنا، حيث أن تطوير المهارات في الفن ضرورية لأن الإبداع والتصميم يُعمل بهما في كل جانب من جوانب العالم المهني.


لذا يجب أن تنطوي فلسفة التربية الفنية على فهم الطلبة المتعلمين، وتنمية تفكيرهم ومهاراتهم بشكل يتناسب مع إدراكهم واهتماماتهم والمشاعر المتنوعة بطريقة متطورة ومتجاوبة و ذات صلة اجتماعية وفق منهجاً غنياً مبنياً على المجالات المعرفية المنظمة في التربية الفنية ، والتي تشمل تدريس تاريخ الفن والانتاج الفني والنقد الفني وعلم الجمال. ولابد أن تركز هذه الفلسفة على تطوير المناهج ودمجها بنظريات التعلم الحديثة ونظريات ما وراء المعرفة ، وتعزيز الذكاءات المتعددة .


يوفر منهج التربية الفنية العديد من الفرص للمعلم لتقييم أداء الطلبة بشكل فردي ، وإن افتراض بأن التعلم حصل لدى المتعلم لا يمكن تأكيده إلا من خلال اتباع طرق تقييم ذات درجة عالية من الدقة، ونظراً لاختلاف طبيعة مادة التربية الفنية عن غيرها من المواد ، فإن طريقة التقييم كذلك يجب ان تتلاءم مع طبيعة المعارف و المهارات والخبرات المكتسبة لإحداث تغيير اجتماعي وفكري إيجابي في حياة الطلبة .


التقييم في الفن هو جزء حاسم من عملية النمو والتعلم لكل من الطالب والمعلم ، وتسمح عملية التقييم لمعلمي الفنون بتقويم وتقييم التعلم بناء على أهداف محددة، وتكييف أساليب التدريس باستمرار لتناسب احتياجات التعلم لكل طالب على حدة في الفصول الدراسية ، ومساعدة الطلبة للمضي قدماً نحو تحقيق التعلم المنشود كما يتيح للمعلم الفرصة لمعرفة ما يتم تدريسه وأنه عالقاً بالفعل في أذهان طلبته.


حيث تتم عملية التقييم بشكل مستمر ، وكوني معلمة فنون أتجول في الفصل الدراسي وأتفاعل مع طلبتي وأقوم بتقييمهم ومساعدتهم على تطوير إحساسهم الخاص بتقييم أعمالهم الفنية قبل البدء في عملهم ، وتقييم معرفتهم السابقة من أجل قياس نموهم قبل المهمة وبعدها . حيث تسهل التقييمات التكوينية والختامية بتعيين قيمة لكل من العملية والمنتج، ويتم تقييم الطالب بشكل مستمر من خلال التقييم التكويني ، وهذا النوع من التقييم يسمح للمعلم بالتحقق من الفهم أثناء عملية انتاج الفن، وتقييم ما يتم تعلمه وما لا يزال بحاجة إلى تحسين وتطوير وإعادة النظر فيه عند إكمال الدرس، لجمع المعلومات بناءً على ما تعلمه الطلبة بالفعل وما إذا كان بإمكانهم استخدام هذه المعلومات بطريقة جديدة أم لا، بينما يتم التقييم الختامي في نهاية المشروع أو نهاية الفصل الدراسي ومن الممكن إجراء هذا التقييم بطرق مختلفة ، إلا أنني أشعر أن الجانب الأكثر أهمية هو أن يحصل المتعلم على الفرصة للتفكير فيما تعلمه من خلال تجربته الفنية .


وليس من السهل قياس ما يحدث داخل الجدران الأربعة في الفصول الدراسية للفنون. وقد اخفق الكثير من معلمي الفنون في منح الدرجات وتقييم القيمة الفنية على أساس معايير محددة ، حيث توفر طرق التقييم التقليدية للمعلم تقييم الناتج النهائي للعمل فقط ، ونظراً لأهمية الخطوات التي يمر بها الطلبة في مرحلة التخطيط وبناء الافكار في مرحلة بناء العمل الفني ، فإن تقييم العمليات التي يمر بها العمل أثناء أدائه تعد مهمة تماماً كأهمية الناتج النهائي للعمل. وكوني معلمة الفنون أسعى جاهدة نحو خلق بيئة تعليمية محفزة تلبي احتياجات الطلبة وتوفر لهم جوًا يتم فيه تشجيع التفكير الإبداعي وتطويره من خلال استخدامي لأدوات تقييم بديلة .


وهناك الكثير من أساليب التقويم التي يستخدمها معلم الفن وهي : الامتحانات التحريرية والشفوية لقياس تحصيل الطلبة معرفياً ومهاريا ً، كما أن هنالك طرق وأساليب بديلة للتقويم تتناسب مع منهج الفنون البصرية ومحتواه مثل المعرض الفني ويتم فيه إشراك الطلبة في عملية التقييم الذاتي أو تقييم الأقران وقد يكون شفهياً، وإما من خلال استمارة تتضمن معايير مختلفة لتقييم تلك الأعمال أويكتب الطالب وصفا أو قصة قصيرة حول عمله الفني ، وقد يكون ذلك التقييم فردياً أو جماعياً حسب نوع النشاط . أيضاً هنالك طريقة اخرى وهي المشروع الذي يدعم العمليات والمنتج ويعزز مهارات الانتاج والتفكير والإدراك معاً ، كما أنه يعد فرصة للتجربة والبحث والمراجعة لكل من المعلم والطالب ، ويتجه بعض المعلمين إلى تفعيل مجموعة متنوعة من أدوات التقييم مثل استخدام البورتفوليو والمجلات والاختبارات النقدية والمناقشات ، وذلك يتطلب منهم أن يفهموا ويصمموا مبادئ واغراض التقييم الخاصة بها ، وأن يرصدوا ويحللوا ويقيموا التقدم المحرز للطلبة بانتظام للتأكد من مدى ممارستهم الذاتية ، وتنمية مهارات الطلبة وإضافة مهارات جديدة كالتفكير التأملي والتفكير الناقد من خلال حصول المعلم على تصور واضح للتطور المهاري والفكري الحاصل لدى الطلبة خلال مراحل انتاج العمل الفني.


أن الطلبة يتعلمون بشكل أفضل عندما تتم دعوتهم لحل الأسئلة الصعبة والمفتوحة ، وأنه في العملية الإبداعية ، يجب على الطالب الفنان أن ينقب في كل من تجربته الخاصة ويحاكي أعمال وتجارب الفنانين لانتاج عمل فني فريد من نوعه ، ولابد أن يقبل المعلم تقييم العمل الإبداعي والتفكير التأملي الذي دونه الطالب في ملف انجازه والذي يعد جزءاً لا يتجزأ من العملية الإبداعية ، وذلك يتحتم عليه وضع معايير تقييم واضحة لتلك الملفات ( PORTFOLIO ) والتي تعد العمود الفقري في عملية التقييم ، بحيث يتم تقيم أعمال الطبة بناءً على تلك المعايير مثل: الحرفية والأصالة والاستعداد للمتابعة وتفحص العمل بعمق وتطويره بمرور الوقت والقدرة على العمل بشكل مستق مع المجموعة ، والقدرة على إدراك خصائص العمل ، والقدرة على ممارسة مهارات التفكير الناقد في العمل الفردي .


وهنالك أداة أخرى تستخدم للتقييم في تدريس التربية الفنية وهي التكنولوجيا. وتسمح تطبيقات المايكروسوفت بتفعيل عملية التقييم من خلال الرسم البياني ، وهو مؤشر واضح لنمو الطلبة والتعلم. كما يمكن استخدام أدوات مثل Blackboard، وهو نظام إنترنت يستخدم لتوصيل واجبات الطلبة ودرجاتهم للمعلمين والطلبة وأولياء أمورهم لتتبع نجاحهم من المنزل. فالتكنولوجيا هي مجال مهم وفعال في التعليم وتتطور وتتحسن باستمرار، وينبغي على جميع المعلمين بمن فيهم أولئك الذين يدرسون الفن أن يواكبوا الأدوات المتاحة وأن يفعلونها لتعزيز أساليب التقييم والتواصل.


تعتبر الأساليب الإبداعية لتطوير التقييم الأصيل أمرًا ضروريًا لضمان تقييم احتياجات المتعلمين المتنوعين بشكل فعال ومنصف وفي ضوء ذلك ، صمم العديد من المسؤولين خطط تقييم ذات أغراض متعددة ، في محاولة لقياس القيم التي يحتفظون بها للتحقق من أهمية برنامج تعليمي ما في الفنون . فالدرجات هي المحفزات الطبيعية لكل من الطلبة وأولياء الأمور، ومن المتوقع أن يتحمس الطلبة في تنفيذ المطلوب مع وضع هدف النهاية في الاعتبار ألا وهو العلامات العالية ، وبالأخص إذا كانت معايير التقييم معلقة على جدران الفصل بشكل فعال وجذاب ، فإنهم سيعملون بشغف وجد واجتهاد لتحقيق أهداف معينة.


ولضمان نجاح عملية التقييم في المواقف التدريسية يستوجب أن يكون التقييم علنيًا للطلبة والأطراف المهتمة الأخرى بحيث يكون لديهم فكرة واضحة عما يحدث ولماذا ، وأن يعتمد على معايير مشتركة، مع مراعاة أن يكون التقييم مدمجًا ومدعومًا بشكل مستمر في الفصول الدراسية .


وأخيراً عملية التقييم عملية مهمة في التدريس وتطلب من المعلم الصبر والتحمل وأن يحمل ثقافة فنية جيدة تمكنه من تقييم أعمال الطلاب وإصدار الاحكام الجمالية ، كما ينبغي عليه أن يكون المثل الأعلى والقدوة الحسنة أمام طلبته في تقييم المواقف التعليمية في مجال التربية الفنية ، ويجب أن يكون معلم الفن منصفاً وعادلاً في كل لحظة من لحظات التقييم ، وأن يلتزم بذلك باعتباره منهج حياة بالنسبة لطلبته ، وعليه أن يمارس نوعا من التفكير التأملي أو المراجعة الذاتية المستمرة حول مواقفه و تنبؤاته عند تقييمه لانتاج وتفكير طلبته في منهج الفنون، وبخاصة تجاه الطلبة ذوي الانتماءات الاجتماعية والثقافية المتباينة.